ولاء السامرائي - العراق موت وفساد بلا حدود
- Al Mujahid
- Apr 11, 2019
- 4 min read
- كاتبة سياسية عراقية مقيمة في فرنسا -

فجع العراق مرة أخرى بغرق 287 من أبنائه غالبيتهم من النساء والأطفال كانوا على متن عبارة نهرية في مدينة الموصل يحتفلون بعيد الأم ـ ويبدو أن حكومة المنطقة الخضراء لا تأبه لما حدث من كارثة وغرق لهذا العد الكبير من المواطنين ٫ أذ أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي حضر ليلاً ، ربما لكي لا يطرد مثل الرئيس برهم صالح من قبل الأهالي ، زار مكان الحادث بشكل سريع دون أن يأمر باتخاذ إجراءات سريعة مثل إخراج الغرقى وإسعاف من تمكن من النجاة منهم والعناية بهم ، ولم يكلف نفسه فيما بعد ، وجميع أجهزة الإعلام تتكلم عن عدم وجود تجهيزات من غواصين ومعدات لانتشال الغرقى ، فالمدينة المنكوبة لا يوجد فيها إلا زورق عاطل يعود للشرطة النهرية ؟ ، وهو الذي انتقد عدة مرات في صفحته على الفيسبوك أداء حكومة المالكي إزاء العمليات الإرهابية وزهق أرواح العراقيين الكثيرة في عهده ، قائلاً : إن أي حكومة تواجه مثل هذه العمليات ولا تتمكن من معالجتها تستقيل ! ، لكن عادل عبد المهدي لم يقدم استقالته ولا استقالة حكومته ولم يقدمها محافظ المدينة المتهم المباشر في هذه القضية لأنه المسؤول عما يحدث في مدينته ـ اليوم تعيش مدينة الموصل بحسب مواطنيها أوضاعا مشابهة تماماً لما حصل للعراق من غزو في 2003 ـ وكل ما رافقه من فتنة طائفية وقتل واعتقال أبرياء دون محاكمة وسرقة ومصادرة أموال ونهب نفط وتهريب مخدرات وبيع سكراب التدمير وفرض أتاوات من أصغر بائع إلى أكبر مركز تسوق ووضع اليد على المدارس وبيعها ، وهذا ما يثبته تقرير لجنة تقصي الحقائق بالموصل التي شكلها برلمان العملية السياسية نفسه ـ وبدل أن تعتبر الحكومة الموصل مدينة منكوبة ، فقد جعلتها مدينة محتلة ، تسوم الميليشيات الطائفية التابعة لهادي العامري وأبو مهدي المهندس والخزعلي أبنائها العذاب من جديد كما قبل إدخال " داعش " بهدف السيطرة التامة عليها غير مكتفية بقصف المدينة وتدمير بناها التحتية بالكامل على رؤوس سكانها ـ وما تظاهر الموصليون ضد مجيء رئيس الجمهورية وطرده لهم وإطلاق شعارات ترفض وجود محافظ إلا من أبناء المدينة المعروفين بنزاهتهم ورفض وجود الميليشيات والقوات الحكومية التي تذل وتبتز وتسرق المواطنين لكل صغيرة وكبيرة ، إلا رداً على الأوضاع الكارثية التي تعيشها المدينة وسكانها منذ ستة عشر عاماً ـ فهل الموصل مدينة عراقية ؟ ، ولماذا تتعامل معها الحكومة وقواتها الأمنية وميليشاتها بهذه الطريقة ، أم تعتبرها الحكومة مدينة محتلة ؟ ، وهل حكومة المنطقة الخضراء تحكم الشعب العراقي كله أم هي حكومة لمكون واحد ؟ . ما يظهر جلياً في الموصل هو أن الحكومة وقواتها من شرطة وعسكر وميليشيات تتصرف كمحتل وتطبق على المدينة سياسة دولة احتلال ، تنهج كل وسائل القمع والفساد بل تتفوق بأساليبها الهمجية حتى على الاحتلال الأمريكي ـ لأن المواطن يواجه هنا عصابات غير منضبطة وليس جيشاً لدولة حتى أصبح البعض يترحم على الوجود الأمريكي الذي آتى بهم ليتخلص منها ـ ليس ذلك فحسب بل أن البرلمان نفسه أظهر تواطئاً مخزياً غير مسبوق ، فقد رفض محمد الحلبوسي رئيسه قراءة تقرير لجنة تقصي الحقائق ما لم تحذف فقرات تدين الميليشيات حسب ما صرح به من يسمون " بالنواب السنة " ـ وتم تناقل أخبار الطبقة السياسية بضمنهم – نواب السنة - بالسمسرة على منصب المحافظ ، ليصبح هذا المنصب مناسبة لمزاد يحصل فيه على المنصب من يدفع أكثر ، بينما لا تزال جثث الناس غير منتشلة من النهر ؟ . في عراق الفساد هذا ستفوز سمسرة ساسة العملية السياسية وسيركن تقرير تقصي الحقائق في الموصل في الرفوف العليا مع تقارير إدخال " داعش " وجريمة " سبايكر " وغيرها من الجرائم ـ لتكون حكومة عبد المهدي " خير سلف " لحكومات العملية السياسية التي كان لكل منها مهمة محددة لتدمير العراق ومحاربة العراقيين ونشر الموت حتى أصبح حاضراً في كل مدينة وفي كل شبر وليصبح الفساد رفيقاً ملازماً له يغطون جغرافية العراق بأكملها ـ لقد هزت جريمة الموصل سكان المدينة ومدن العراق الأخرى ووحدتهم بمشاعر الغضب ، وانفجر المواطن العادي يصرخ علانية من على شاشات التلفزيون أن الحكومة وميليشاتها تقتل العراقيين مع سبق الإصرار ـ ولعل ما قاله هذا المواطن الموصلي لإحدى القنوات وانتشرعلى مواقع التواصل الاجتماعي لتعبير عن طفح الكيل والقهر المتصاعد لدى أبناء المدينة منذ ستة عشر عاماً : " نريد هذا البشر يعيش ، كافي ، الكل حرامية ، الكل فاسدين ، نصير جيش نموت ، نصير مدنيين نموت ، نصير مرور نموت ، نصلي نموت ، نكفر نموت ، شنسوي بعد ، وين نروح ، نطلع للخارج ننذل ، نبقى بالعراق ننذل أكثر ، أشفنا من العراق ، خميس عبوة ، خميس مفخخة ، خميس منع تجول ، كلنا مفقودين وكلنا مطلوبين ، وين نروح ؟ " ـ بكلمات الحرقة هذه ربط العراقي الموت بالفساد اللذين عادا إلى الموصل كما عشعشا فيها بعد الغزو ـ بل أن هذا الفساد أصبح أكثر تنظيماً وترتيباً وخبثاً بعد تهجير نصف سكان المدينة وقتل أكثر من ربع مليون منهم ، فهو قد عاد على شكل مكاتب اقتصادية تم إحصائها ب 120 مكتب هدفها بسط الهيمنة ووضع اليد على كل مفاصل المدينة وفي كل النواحي ، وما جريمة انقلاب العبارة النهرية إلا عمل متعمد من هذه التنظيمات بهدف الربح واغتنام إدارة قطاع ترفيهي واعد يدر أموالاً طائلة لا يسمح بذهابها إلا إلى ما يسميه الموصلي بمكاتب الخمس كنية لمكاتب النهب الاقتصادية المنتشرة في طول المدينة وعرضها ـ حكومة بعد حكومة ، ومن نوري المالكي إلى حيدر العبادي إلى عادل عبد المهدي ، يستمر مخطط تدمير العراق وبيعه وقتل أبنائه بالتقسيط على أيادي ساسة عملية الاحتلال الأمريكي – الإيراني دون توقف بل أن وتيرته تتسارع بخطورة كبيرة مع حكومة عبد المهدي - صاحب " فكرة " تسليم ثروة العراق النفطية ، الغازية للتخلص من الاقتصاد الريعي - الذي عاد من رحلته الخاطفة إلى الموصل للاستعجال بالمشاريع الإيرانية ٬ الاملاءات ، التي أبرمها مع الرئيس الإيراني روحاني ، سينسى عبد المهدي " حادث الموصل البسيط " ، كما ستتبخر وعوده التي أطلقها بشأن 41 ملفا للفساد هي إنجازات الحكومات السابقة ، وعود لا يصدقها حتى الأطفال لأن الفساد هو الكنز الذي لا ينضب لبقاء العملية السياسية ـ لقد تمكنت تظاهرات مدن الجنوب العراقي المستمرة منذ سنوات وخاصة في البصرة من أسقاط صورة العملية السياسية ، لتأتي اليوم جريمة الموصل وتوحد العراقيين وتنزع ما بقي لديهم من غشاوة وبقايا أوهام إن وجدت ، وتمهد لهم طريق أيقاف إبادتهم المبرمجة وليدركوا أن الخلاص لن يتحقق إلا بأقامة حكومة وطنية نزيهة توقف نزيف العراق الذي طال ـ 28/3/2019
댓글