top of page
  • Writer's pictureAl Mujahid

رسائل تركية غير واضحة واعتراف سعودي مبهم واستهانة عربية فاضحة

يكتبها : الأستاذ عبد المنعم الملا


عبد المنعم الملا

قضية جمال خاشقجي التي ملأت العالم ضجيجاً حتى أصبحت مادة خصبة وسهلة الاستخدام من قبل حكومات وأفراد فُتحت شهيتهم للابتزاز السياسي الذي لربما قد يصل إلى أعلى مستويات المواجهة السياسية والدولية.

وما نشاهده من حروب اعلامية وسياسية غير مسبوقة أو مفهومة على أقل تقدير ، والتي اجتذبت وأقحمت أطراف عديدة بهذه القضية ، وأدخلت دولاً وحكومات بإنذار شديد الخطورة نتيجة فقدان شخصاً واحداً .!.

الخاسر الوحيد في هذه الأزمة سيكون طرفاً القضية الرئيسيين ، السعودية وتركيا ، ولا رابح فيها اطلاقاً فيما عدا أميركا وإيران وإسرائيل اللاعبين الرئيسيين بالمنطقة ، وهذ ليس من باب نظرية المؤامرة أو العداء التقليدي أو التاريخي مع هذه الدول المارقة الثلاث.

حيث لا يمكن لأي متابع لقضية اختفاء أو مقتل جمال خاشقجي أن يفسر التسريبات التركية النزرة والقليلة جداً ، إضافة إلى الاعتراف السعودي المبهم والسخيف جداً حول مقتل جمال خاشقجي ، وكأن لا وجود لاستشاريين أو خبراء أزمات في الحكومة السعودية رغم كل المليارات التي تملكها ، الأمر الذي يُفسر كل هذا المشهد المربك والتأخر في التوصل إلى نتائج فعلية وحقيقة واضحة حول قضية جمال خاشقجي ، ولعل تدخل الولايات المتحدة الأمريكية المباشر وباقي الدول الغربية كان له الأثر الأكبر في تعقيد المشهد أكثر. ولو توفرت النوايا الإيجابية من قبل الأتراك أو السعوديون في حل هذه المسألة وعدم اعطاء الفرصة للمارقين ( حكومات وأفراد ) في الدخول بينهم ، سيما أن موت أو قتل خاشقجي بحسب الحكومة التركية أُعلن منذ الأيام الأولى للأزمة ، لنسى العالم جمال خاشقجي مثلما نسي الآلاف من الذين قتلوا ونحروا على مسمع ومرآى العالم أجمع ، وخاشقجي لم يكن الأول ولن يكون أخر صحفي يقتل أو يختفي.

ولعل الأسباب التي تقف وراء هذا المشهد المعقد لهذه الجريمة السياسية بامتياز ، كثيرة ولاحصر لها ، نظراً لتدخل أطراف عديدة فيها كما أسهبنا ، ولكنها وباختصار شديد ، ممكن أن تُفسر أو تُحلل على النحو التالي :

* الأتراك يملكون أدلة إدانة دامغة على مقتل خاشقجي ، مثل زرع كاميرات داخل القنصلية في وقت سابق ، خصوصاً إذا عرفنا أن طاقم الالكترونيات في القنصلية كلهم من الأتراك ، وهنا لا تستطيع تركيا البوح بهذه الكاميرات أو نشر محتواها لأنه سيحول مسار الجريمة إلى التدخل والتجسس على سفارات وقنصليات دول على الأراضي التركية ، الأمر الذي سينهي قضية خاشقجي ويتم التركيز على تجسس تركيا على العربية السعودية.

ولهذا تراهم " الأتراك " ينشرون لقطة إثر لقطة وليس الفلم أو الرواية كلها ، والسبب كي لا يدخلوا في سجال التجسس على سفارات وقنصليات الدول الموجودة على أراضيها. وإلا ، كيف يمكن تصديق رواية تسجيل صوتي عبر ساعة " أبل " التي يرتديها خاشقجي استطاع الأمن التركي من معرفة أن هناك أشخاص دخلوا بعد دقيقتين إلى غرفة القنصل السعودي ومن ثم تم نقله إلى غرفة ثانية وثالثة ثم تم استخدام الموسيقى والمنشار الكهربائي لتقطيع جثة خاشقجي ؟! ، هذا إذا ما صحت الرواية التركية ، ولن استغرب أبداً إذا ما نشر الأمن التركي فلماً عن قتل خاشقجي.

* السعوديون متحيرون من أمر معرفة الأتراك بالجريمة التي ارتكبوها في داخل قنصليتهم ، والتي تعتبر أراض سعودية بحتة ، الأمر الذي يفسر تأخر السعودية في إعلان وفاة الخاشقجي نتيجة لشجار في القنصلية ( سبب سخيف بعد كل هذا التاخير).

ولم تتحدث السعودية عن وصول 15 شخصاً من الدائرة المقربة لمحمد بن سلمان إلى تركيا ، إضافة إلى عدم التطرق أو الكشف عن مكان وجود جثة خاشقجي ، والتي ربما رحلت إلى السعودية ولكن تلاعب الأمن التركي واستخدامه طريقة الـ سلوموشن (Slow Motion ) في عرض تفاصيل الجريمة جعل من السعودية تتخبط في استجابتها مع الأزمة.

* مثل هذا الأمر أو الجريمة إن صح تسميتها لن يستطيع محمد بن سلمان الآمر بها من تلقاء نفسه إطلاقاً ، وإلا فكان من السهل جداً عليه أن يتم التخلص من جمال خاشقجي في شوارع استطنبول وعلى يد أبسط القتلة المأجورين ( وما أكثرهم في تركيا ) ، وهذا لا تفسير له إلا أمراً واحد وهو أن محمد بن سلمان كان قد دُفع ، او ما اعتبره أنه الضوء الأخضر من أميركا للقيام بهذه العملية.

وهنا يعني أن أميركا وبشكل غير مباشر لديها ضلع غير واضح المعالم في هذه الجريمة ، أجل ابتزاز وحلب أكثر للأموال السعودية ، ولربما أطراف مارقة أخرى قد شاركت ستكشفها الأيام قريباً.

* قناة فضائية الجزيرة لم تفتك في التصعيد من الأزمة إعلامياً وسياسياً ، وتحاول بأي شكل كان إلباس طوق الغرق لا الانقاذ برقبة محمد بن سلمان والملك سلمان نفسه ، ولايعنيها الأمر بما يخص القتلة ، ما يعني تماماً نفس السياسة التي استخدمتها السعودية مع قطر أبان إعلان الحصار عليها ، وكأنها وكما يقول المثل الشعبي " بيضة بيد يتيم " ، فهي تحاول أي نافذة ممكنة من أجل تجريم السعودية أو محمد بن سلمان تحديداً.  وتنسى " أي قناة الجزيرة الفضائية " الموقف العربي الرسمي الواجب اتخاذه تجاه الدول المارقة التي تحاول تمزيق وتشظية ما تبقى من الدول العربية والإسلامية ، حتى رجحت كفة قضية خاشقجي وأبرزتها أمام كفة مستقبل الدول العربية والخليجية خاصة.

بالتأكيد لسنا مع قتل خاشقجي أو أي إنسان أخر على وجه الأرض ، ونقف بالضد تماماً ممن يشجعون أو يسكتون حتى على هذه الجريمة ، لكن وبالرغم من الجراح التي أُثخن بها العراق من قبل العرب ودول جواره ، علينا أن نعرف أن تبعات هذه الجريمة ستعود بالكوارث على ماتبقى لنا أمام المشاريع الصهيونية الأميركية الصفوية في المنطقة ، فمعرفة الأخوة والأصدقاء وفرزهم خير من الوقوف متفرجاً على العدو وهو يقطع أجسادنا واحد تلو الآخر.

والعاقبة للمتقين

23 تشرين الثاني 2018

9 views0 comments
أكثر من مائة شهيد أغلبهم من النساء والأطفال في حادث غرق العبارة السياحية في جزيرة أم الربيعين بالموصل  
bottom of page